عودة الإبنة-مروى كريش-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

عودة الإبنة

مرت على جانب الرصيف حتى تُخلي مكانها لزحمة آدمية ، كانت في مشية أقدامها رقة كالفراشة التي تحط رحالها في الأزقة الراقية، تعمدت أن تكون معتدلة في مشيتها و حركتها المشعة بالأنوثة. كان أشدُّ حبها أن تتنزه تحت زرقة صافية ، كثيرا ما يحلو لها الإنفراد لوحدها حتى ترقص بأفكارها على محمل الجد. تلتهم بعينيها الواسعتين مواقف مضحكة تعمدت مراقبتها لعلها تجد مايريحها من أساطيرها القديمة و ذكرياتها الأليمة .
فرَّ منها سمعها إلى حديث عجوزتين أثقلتهما عادات أجيالنا و عصرنا المنفتح ، فوقفت منصتة لعلها تجد من كلامهما ما يروي أفكارها و عقليتها، إلا أن إحدى العجوزتين انتبهت لاهتمامها و رغبتها في الإنصات لها .. فقامت تناديها بنبرات متقطعة و يداها ترتجفان من شدة كبر سنها ، فلم تجد منها إلا الرضى حيث شعرت بالإرتياح لها و لقت في صفاتها ابنتها المرحومة يسرى. كل شيء فيها يشبهها، حتى قسمات وجهها و شعرها البني و شفتيها الممتلئتين .
قالت بثقة : - لقد وجدت في وجهك ما يشبه ابنتي .
فاجابتها بدهشة :
- صوتك عبر الطريق لعروقي .. هذه أنت يا أماه، بعد هذه الغيبة الطويلة .
-أجل يا ابنتي، هذه أنا بلحمي و دمي، و أنت حية .. حية ترزقين .
-أسأل الله أن يمد في عمرك يا أمي، حتى نعوض من الأعوام ما فاتنا .



 
  مروى كريش-المغرب (2015-08-14)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

عودة الإبنة-مروى كريش-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia